دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

( الموشحات الاندلسية ) بقلم : د . فالح الكيـــلاني


اجمعت المصادر العربية والاجنبية على ان الموشحات هي فن اندلسي وارتبط اسمها باسم الاندلس تلك الجزيرة الرائعة الجميلة التي احتلها العرب المسلمون في اوربا وهي ما تشكل اليوم دولتي اسبانيا والرتغال وانشأوا دولتهم او دويلاتهم فيها وحكموها فترة واسعة من الزمن .

الا ان الحقيقة الثابتة ان الموشح نشأ مشرقيا حيث يعتبر الخليفة العباسي الشاعر عبد الله ابن المعتز اول من نظم فيه .وقد اشتهرت موشحاته ومنها موشحته المشهورة التي لا نزال نطرب لها و نردد بعض مقاطعها لحد الان :
ياحلو يا أســــمر
غنى بك الســـــمر
رقوا ورق الهوى
في كل ما صوروا
ما الشعر ما سحره
ما الخمر ما السكر
يندى على انفاسك
من ثغرك العنبـــــر
والليل يغفـــو على
شـــــعرك او يقمر
انت نعيم الصبــــا
والامـــــل الاخضر
الا ان البيئة الاندلسية اكثر ملائمة وديمومة واكتمالا في تطورها واكتمالها الشعري الادبي والثقافي فارتبط اسمها باسم الاندلس وسميت الموشحات الاندلسية وانتشرت انتشارا واسعا في بلاد الاندلس , لان البيئة الاندلسية كانت افضل واسمى لانتشار الغناء والموسيقى فيها . وقيل ان سفر الموسيقي العربي ( زرياب ) من المشرق الى الاندلس كان علامة مضيئة في انتشار الموشحات الاندلسية فيها حيث انتقل الى الاندلس في عام \238 هـجرية حيث قام وتأسيس مدرسة موسيقيّة هامّة في الاندلس كان لها الدور الأكبر في تهيئة الأجواء لنشوء الموشحات الاندلسية بعد زمنٍ من سفره فانتشرت خلال القرن الثالث الهجري اذ تهيأت البيئة الاندلسية لوجود بعض الشعراء الذي اوجدوا هذا الفن الجميل من الشعر في بلاد الاندلس واولهم الشاعر ( مقدم معافى القبري ) الذي يعتبر مؤسس هذا الفن في الاندلس ،ثم ياتي بعده اسم ( أحمد بن عبد ربه) صاحب كتاب (العقد الفريد)، أما المؤلف الفعلي لهذا الفن كما أجمع المؤرخون فهو( أبو بكر عبادة ) ثم (الأعمى التطيلي) كبير شعراء الموشحات، والشاعر الفيلسوف (ابن باجه) والشاعر ( لسان الدين بن الخطيب ) و موشحه الذي يعتبر من روائع الموشحات الاندلسية الشعرية والذي يقول في مقدمته :
جادك الغيث إذا الغيث همى
يا زمان الوصل في الأندلسِ
لم يكن وصــــلك إلا حُلمـــــا
في الكرى أو خُلسة المختلسِ
لكني افضل هذا الموشح الذي قاله الشاعر التونسي الضرير الحصري القيرواني بعدما انتقل الى الاندلس :
يا ليلُ الصبُّ متى غده
أقيام الساعة موعدهُ؟
رقد الُّسمَّــــارُ وأرّقـــــهُ
أســـــفٌ للبين يــــردِّدُّهُ
نصبت عيناي له شركاً
في النوم فعزّ تصيــــدهُ
وسمي هذا الفن من الشعر (الموشح ) تشبيها بالوشاح الذي تتشح به الحسناء في زينتها حيث اعتبر فنا جديدا من الشعرالعربي . وعرف الشاعر ابن سناء الملك الموشح فقال :
(الموشح كلام منظوم على وزن مخصوص وهو يتألف في الأكثر من ستة أقفال وخمسة أبيات ويُقال له التام، وفي الأقل من خمسة أقفال وخمسة أبيات ويُقال له الأقرع، فالتام ما ابتدئ فيه بالأقفال، والأقرع ما ابتدئ فيه بالأبيات).
وقيل سمي موشحاً لأناقته وتنميقه على غرارالوشاح الذي تتشح فيه المرأة في زركشته وتنسيقه . فالموشحا ت سميت بذلك لأن تعدد قوافيها على نظام خاص ولها جرساً موسيقياً لذيذاً ونغماً حلواً تتقبله الأسماع فتطرب ، وترتاح له النفوس فتسمو، وقامت القوافي فيها مقام الترصيع بالجواهر واللآلئ في وشاح المراة . فلذلك أطلق عليها (الموشحات) أي الأشعار المزينة بالقوافي المختلفة والأجزاء الخاصة، ومفردها موشح وتعني انها منظومة موشحة أي مزينة ولهذا فلا يقال للموشح قصيدة موشحة لأن لفظ القصيدة خاص بالشعر المنظوم في البحور الستة عشر المعروفة .
ثم انتقلت الموشحات الى المشرق العربي مرة اخرى بعد انتشارها الواسع في بلاد الاندلس وقد اتخذ هذا التأثير صورة خاصة في الحجاز والعراق حين ازدهر فيهما الغناء والموسيقى ، وكذلك اتخذ هذا التأثير صورة مغايرة في الأندلس حين ازدهر فيها الغناء والموسيقى وربما أن الأندلسيين أحسوا بقلة انسجام القصيدة الموحدة إزاء الألحان المتنوعة، وشعروا بجمود الشعر في ماضيه التقليدي الصارم أمام الانغام الجديدة في حاضرها التجديدي المرن، وأصبحت الحاجة ماسة إلى لون من الشعر جديد يواكب الموسيقى والغناء في تنوعها واختلاف ألحانها ومن هنا ظهر هذا الفن الشعري الغنائي الذي تتنوع فيه الأوزان وتتعدد القوافي، والذي تعتبر الموسيقى أساساً من أسسه فهو ينظم ابتداء التلحين والغناء ونتيجة لظاهرة اجتماعية .
و كان الفضل لابن سناء الملك المصري في ذيوع فن الموشحات في مصر والشام وهو صاحب الموشح المعروف :
كللي يا سحب تيجان الربى بالحلى
و اجعلي سوارها منعطف الجدول
ويتكون الموشح من أجزاء ولكل جزء من هذه الأجزاء اسم يميزه عن غيره ولمعرفة هذه الاجزاء نقوم بتحليل هذه الموشح القصير لابن مهلهل الاندلسي في وصف الطبيعة ً:
(النهر سلّ حساما
على قدود الغصون
وللنسيم مجــــــــال
والروض فيه اختيال
مدّت عليه ظـــــلال
والزهر شقّ كماما
وجداّ بتلك اللحون
أما ترى الطير صاحــا
والصبح في الأفق لاحـا
والزهر في الروض فاحا
والبرق ســاق الغماما
تبكي بدمع هتــــــون)
فنجد انه يتكون كما يلي:
1- المطلع: اصطلاح يطلق على مطلع الموشح الذي يتكون عادة من شطر أو شطرين أو أربعة أشطر وهو هنا في موشح ابن مهلهل يتكون من قسمين أو شطرين أو غصنين:
النهر سلّ حساما
على قدود الغصون
وقد تختلف قافية الغصنين كما هو الحال في المثال السابق،وقد تتفق كما هو الحال في إحدى موشحات ابن زهر:
فتق المسك بكافـــــــور الصباح
و وشت بالروض أعراف الرياح
2- الدور: وهو مجموعة الأبيات التي تلي المطلع، ، ويتكون الدور من مجموعة من الأقسمة لا تقل عن ثلاثة وربما تزيد عن ثلاثة بشرط أن يتكرر بنفس العدد في بقية الموشح وأن يكون من وزن المطلع ولكن بقافية مختلفة عن قافيته وتلتزم في أشطر الدور الواحد. والدور في الموشح موضع التمثيل هو:
وللنسيم مجـــــــــال
والروض فيه اختيال
مدت عليه ظــــــــلال
3- السمط: هو كل شطر من أشطر الدور،وقد يكون السمط مكوناً من فقرة واحدة كما في هذا الموشح ،وربما يتألف من فقرتين.
4. القفل: هو مايلي الدور مباشرة ويسمّى أيضاً مركزاً، وهو شبيه بالمطلع في الموشح التام من جميع النواحي أي أنه شبيهه في القوافي وعدد الأغصان وليس الموشح مشروط بعدد ثابت من الأقفال. والقفل هنا هو:
والزهر شق كماما
وجداً بتلك اللحون
5. البيت:وهو في الموشحة غيره في القصيدة ، فالبيت في القصيدة معروف أما في الموشحة فيتكون البيت من الدور مضافاً إليه القفل الذي يليه وعلى ذلك فالبيت في موشحنا هو:
وللنسيم مجـــــــال
والروض فيه اختيال
مُدّت عليه ظـــــــلال
والزهـــر شـــق كماما
وجـــداً بتلك اللحـــون
6- الغصن: هو كل شطر من أشطر المطلع أو القفل أو الخرجة وتتساوى الأغصان عدداً وترتيباً وقافية في كل الموشحة وقلّما يشذ الوشاح عن هذه القاعدة، وأقل عدد للأغصان في مطلع أية موشحة ـ وبالتالي في الأقفال والخرجة ـ اثنان، وكما سبق القول يجوز أن تتفق قافية الغصنين ويجوز أن تختلف، على أنه من المألوف أن تتكون أقفال الموشحة من أربعة أغصان .
وكذلك وجدت الموشحات الشعبية والتي تتصف بالشعبية او العامية لأنها من فنون الشعر التي ظهرت في أوساط الشعب ووجدت حسب الرغبات الشعبية في المجتمع الاندلسي ، حيث انها كانت ً تستعمل لغة العامة في نظمها او في بعض فقرات نظمها ، وترتكز في بعض الأحيان على أجزاء من الأغاني الشعبيّة في مفرداتها، ولم تعتمد في نظمها على نهج القصيدة العربية التقليديّة سواءا في وحدة أوزانها او قوافيها اذ اعتمدت على اسلوب بيهن هذه وتلك في اسلوب متجدد واكثر تحررا معتمدا على أوزان مختلفة وقوافي متعددة .
لاحظ كتابي ( ملامح التجديد في الشعرالعربي – الجزء الثاني)
.
اميـــر البيـــــان العربي
د. فالـــح نصيف الكيـــلاني
العراق – ديالى – بلــد روز

عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع