.. عن فتاة تبلغ السادسة عشر وبعد وفاة والدتها وزواج والدها وهروب اخوتها الكبار من المسؤولية اختارت أن تحمل ثقلاً كبيراً واختارت أن تحمل البيت وتمنعه من الإنهيار واختارت أن تكون أماً بديلة لطفلة عمرها عشر سنوات.
لم يكن الأمر سهلاً مع غياب الأب وانشغاله بزوجة أخرى وأطفال
ومع وجود أقارب سلبيين لا دور لهم سوى التنظير والانتقاد والثرثرة
والحمل بحد ذاته ثقيلاً فهي بالكاد تعرف أن تطبخ بضع أنواع والأصعب الاهتمام بطفلة وهي التي ما زالت تحتاج لمن يهتم بها.
مرت السنين تعلمت وعلّمت.. أخطأت وأصابت.. ونجحت وفشلت وكل ليلة كانت تغرق وسادتها بالدموع وكانت تملأ الليل دعاء وابتهالات ورجاء.
استطاعت أن تحافظ على البيت وحمايته وحماية طفلتها حتى كبرت..
تخرجت وها هي ترتدي فستانها الأبيض وتستعد لبناء أسرة وحياة جديدتين، وفي خضم التجهيزات والازدحام أطل عليها والدها، ذلك الرجل الذي فرّ من المسؤولية ورحل ليعيش حياته، عاد هذه المرة ضعيفاً ومنهكاً وعدداً كبيراً من السنوات تثقل كاهله، عاد إليها بعدما تخلت عنه عائلته بسبب العجز والمرض، عاد إليها لأنها الجبل الذي من الممكن الإستناد اليه، الحضن الدافئ الذي يتسع لكل البشر، و لأنه الأضعف وهي الأقوى.
لكن ما حصل كان مختلفاً عن توقعاته وتمنياته،فقد رحبت إبنته فيه كضيف وربما ضيف ثقيل ليس أكثر
فلا مكان له في مملكتها ولا حاجة لها به حتى مع وحدتها فقد اعتادت أن تكون وحدها في ضعفها وقوتها في خوفها وسلامها واعتادت النوم والبكاء والأمل والحلم.. وحدها.
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة