دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

شعبان السيد يروي : أقتل الطفل الجزء الأول


لم يكن يدري ما الذي أتى به أمام عيادة الأطفال في ذلك المجمع الطبي لقد جاء في الأصل يقصد عيادة الطب النفسي ولكن كيف يحدث ذلك الخطأ أشارت تلك اللوحة التي أمامه انه يجب أن يدخل الغرفة رقم ٥ وبالفعل وجد نفسه ينطلق ويطرق الباب ويدخل 

كان رجل في منتصف الأربعينيات نظر إليه الطبيب مستغربا أين الطفل فأجابه الرجل 

أنا لست أدري كيف حدث هذا الخطأ أنا قصدت عيادة النفسية كان مرهقا جدا ووجهه شاحب ترنح قليل قبل أن يقوم الطبيب من على كرسيه ويأخذ بيده ويجلسه

شكره الرجل وقال له دكتور في كل الأحوال قد دفعت ثمن الاستشارة 

دعني أقول لك شكواي

ابتسم الطبيب وقال له لا بأس تفضل ما المشكله

قال له الرجل دكتور أنا تعبان جدا أكاد أجن لم أعد أستطيع مواكبة تلك الحياة 

حياة قاسية مملة جافة هي مكان جيد للتعاسة والقهر مليئة بالكذب والغش والخداع وعلى الرغم من هذا الملل الذي يملء جنباتها إلا انها سريعة جدا إذا توقفت سحقتك بحوافرها الحادة 

المشكلة يا دكتور في هؤلاء الصبية الصغار لا أكاد أتحمل أن أرى تلك الطفلة البريئة النضرة ذات العشر سنوات كيف لها أن تعيش وتستمر في تلك المأساة التي نحياها وكيف لهذا التوئم البرئ ذا السبع سنوات أن يكبرا وسط هذا الكم الهائج من السقم والأسى والصراع

هذا ما يؤرقني يا دكتور قل لي بالله عليك ماذا أفعل أعلم انك طبيب أطفال ولكن هكذا ألقتني الحياة في عيادتك

ابتسم الطبيب ابتسامه هادئة وقال له 

لا بل ربما جئت للمكان الصحيح

ابتسم الرجل بعد عبوث طويل وقال له إذن أخبرني ماذا أفعل 

قال له الطبيب بشكل جاد وصارم

أقتل الطفل

قال له الرجل عفوا ماذا قلت

قال له الطبيب أقتل الطفل

نعم لا بد أن تقتل هذا الطفل الذي بداخلك

فالطفولة والبراءة لا يمكن أن تتحمل العيش داخل هيكل أربعيني أو خمسيني او أكثر لأنها وببساطة سوف تنفجر من الداخل وتفعل بهذا الهيكل كهذا الذي فعلته فيك الأن

الطفولة والبراءة لا يمكنها العيش إلا في عقل طفل وفي جسد طفل

ولكنها عندما تكون في عقل كهل أو جسد شيخ سوف تتحول إلى قنبلة يمكنها أن تدمر هذا الجسد

وقال له الطبيب واعلم جيدا إنك إن لم تنجح في قتل الطفل الذي بداخلك فإنك سوف تقتل الطفل الذي هو بداخل أبنائك وعندها لا تستطيع أجسادهم اللينة أن تتحمل جسة الطفل الميت الذي بداخلها

ولكنك عندما تنجح في قتل الطفل الذي بداخلك سوف يستطيع جسدك تحمل مصاعب تلك الحياة ويخوض غمارها

وعندها سوف ينعم أطفالك بطفولتهم وبرائتهم وينموا الطفل بداخلهم لا لكي يستمر طفلا ولكن ليكون هذا الكائن الذي يستطيع أن يستكمل المسير ويبقى وتستمر به تلك الحياة

نعم أقتل هذا الطفل الذي بين ضلوعك وانطلق

ولكن إن قبلت مني تلك الوصفة فلا بد إن تسمع جيدا لتلك النصيحة وإلا تحول الدواء إلى سم قاتل

قال له الرجل تفضل يا دكتور كلى آذان صاغية

قال الدكتور الطفولة هي الشفافية والنقاء والبراءة هي حلم الكبار والصغار في الدنيا والآخرة فلتعلم ذلك جيدا

ولكن عندما تكون الطفولة بلاهة وعدم استيعاب لما هو حالك

وعندما تكون البراءة هي السذاجة

عندها أقتل الطفل الذي بداخلك ولا تبالي

حملق الرجل في الطبيب ربما لدقيقة كاملة وقام وانصرف في صمت

وهو لا يدري أيقتل الطفل كما أخبره الطبيب أم ينتظر الطفل ليقتله

خرج الرجل والطبيب شارد الذهن وهو لا يدري ماذا سيفعل هذا المسكين

وشق هذا السكون طرق الباب لقد كان دور المراجع التالي ولكن في هذه المرة كان بالفعل طفل صغير طفل يسكنه طفل

كتبه شعبان السيد


عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع