كانت سيدة أنيقة ومرتبة تصحو كل صباح قبل آذان الفجر بلحظات ، تتوضأ وتأخذ سبحتها بين أناملها الرقيقة تسبح اسم خالقها وتحمده الي حين اذان الفجر ثم تفرد سجادتها فتصلي ركعتين رغيبة فجر وبعدها بهنيهة فريضة الصبح ،وحالما تكمل أدعيتها وأذكار ها تدخل إلى مطبخها المرتب الذي لم تنم إلا وقد تركته في ابهى صورة وأنظف .
تدخله كما عادتها هذا الصباح ، تخرج علب الحليب من البراد و تسكبه بكل حذر في ابريق الغلي و تضعه فوق نار هادئة كهدوء حركاتها وتخرج علبة البن التي يعشقها زوجها وتقوم بملئ ابريق الضغط بالقليل من المياه ثم تحكم غلقه و تضعه هو الاخر على النار .
توظب مائدة الإفطار وتملىء فنجان القهوة لزوجها واكواب الحليب بالشكولاته كما
يحبها أطفالها ، كانت ترضي كل الأطراف وتبرع في ذلك، ليخرج الجميع إلى مآربهم في رضا و طمأنينة ، تصحبهم بركات دعواتها الي حين المساء.
وكما عادتها بعد الظهيرة بعدما طافت كل أنحاء البيت و مسحت الغبار عن كل ركن و عطرت الارجاء بمعطر الخزامة المفظل لديها ، وألقت نظرة على مطبخها المرتب و النظيف، نظرة تطمئن بها على كل صغيرة وكبيرة ، دخلت غرفتها لتأخذ قيلولة إلى حين أذان صلاة العصر، اتضجعت على جانبها الايمن ورددت دعاءها في همس ثم نامت . نامت السيدة الانيقة ، هذه المرة فوق فراش و وسادة زوجها ولم يكن من عادتها فعل ذلك ، نامت . ، لم تستيقظ ، ومرت الساعات وأذن آذان المغرب ، و لم تستيقظ السيدة الانيقة وغطى الظلام المكان ، لم تطبخ شيئالاطفالها، ولم تشعل الانوار في المكان . وعند الساعة السابعة مساء فتح الزوج باب البيت بصحبة الأبناء والدهشة بادية على وجوههم ،تتسائل العيون قبل الافواه ، لما الانوارمطفئة ؟ أين غابت رائحة الطعامٌ.؟.. أين ابتسامة الام التي لا تنام؟ ... .دخل الأطفال إلى المطبخ يبحثون ويرددون نداء طالما رددوه ولم يكن وراءه سوى الاستجاب والامتثال ، لكنه هذه المرة عق الأمر.
دخل الزوج في هدوء إلي غرفة النوم ظنا منه ان زوجته خارج المنزل ، ربما خرجت في زيارة ولم تعد بعد ، أو إلى إحدى المتاجر لقضاءحاجات المنزل ...، لكن كانت المفاجأة أمام عينيه ،...السيدة الانيقة لا تزال نائمة في السرير فأخذ يحركها لعله يوقظها ، لم تستيقظ السيدة الانيقة ولم تستجب لكلماته ،أخذ يرفع يدها ثم يرسلها فتسقط بسرعة عدة مرات ، ليطلق صرخة مدوية جاء على إثرها الأطفال من غرفتهم يهرعون ، كانت صرخة طويلة كانت أطول'' لا '' قالها لها في حياته .حملت معها رائحة طبيخها الزكية وعطرها واناقتها ، وانوار المنزل، ورحلت .
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة