هو صديق لي منذ دراستنا في أمريكا ، وتُحب أن تسمع منه كلاماً عن الإسلام ، وهو نموذج راقي في قوله كما هو في فعله ، حواراته هادئة ومشاعره صادقة ، لدرجة أنك تسعد في الجدال معه ، إشتركنا أنا وهو في حب الشيخ محمد متولي الشعراوى رحمه الله ، والذي إعتبرناه أستاذاً لنا ، وعندما نتكلم في الدين تعلو وجهه إبتسامة رضا بأن الله تفضل علينا بنعمة الإسلام ، وقلت أنك تحب أن تسمع منه ، خصوصاً عندما نتحاور في بعض الأمور الفقهية ، والجميل أنه يؤكد دائماً لكل من يستمع له أن الله بجلاله وكماله ، هو من أرسل رسوله محمد ﷺ ليكون وبحق رحمة للعالمين وليس فقط للمسلمين ، وما خير ﷺ يوماً بين أمرين إلا إختار أيسرهما ، وكان في وجوه الأخرين هشاً بشاً ، ودائم القول يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا ، وكان يؤكد ﷺ أن الله لم يخلق النار ليعذب بها الناس ، بل خلق النار حتى تخاف الناس ، وتفر منها إلى الجنة ، (عجبت من قومٍ يقادون إلى الجنة بالسلاسل) ، قابلته كعادتنا كل شتاء عندما يأتي إلى القاهرة في أجازته الجامعية ، ففي أمريكا وأوربا الأجازة في الشتاء حيث ينزل فيه الثلج ، بادرني بقوله من قال أنه أكثر غيرة على الدين من سيدنا رسول الله ﷺ ، تعجبت من أول قول يقوله لي قلت له ، من يعتقد ويظن هذا هو قليل العقل ، قال لي ألا يعلم من يتكلم عن الدين أن الدعوة في مجتمع جاهلي كافر تختلف عن الدعوة في مجتمع أغلبه مسلم ، وأخرين أصحاب ملل نفس الدين الذي يعبد فيه رب واحد أحد ، وقد يكون البعض منهم عاصِ ، حتى القول مع الكافرين كان أمر الله لنبيه ﷺ هو الدعوة بالحسنى ، (إدعو إلى سبيل ربك بالحمكة والموعظة الحسنه) ، (وجادلهم بالتي هي أحسن) ، والبلاء كل البلاء أن يعتقد البعض أنه يمتلك الحقيقة المطلقة ، فينفر الناس منه وقد ينفر البعض من الدين ، فيكون هو ليس سبباً في الهداية بل سبباً في الضلال ، وأنا في دهشة من تلك الوجوة العبسة والتى تتكلم في الدين للناس كأنهم هم فقط المهتدون ، بينما باقي الخلق في ضلال مبين ، وأسعدني أنك يا دكتور ، قد كتبت مقالات عن إبن سينا الذي كان يقول " بولينا بقومٍ يعتقدون أن الله لم يهدِ سواهم " ، ضحكت وقلت التاريخ الإسلامي ممتلىء بالخوارج والمعتزلة والجهمية ، ( أتباع الجهم بن صفوان) وكل من يتصور أنه وحده يحتكر الحقيقة ، والله سبحانه وتعالى رب الكل من الخلق ، خلقهم وهو أعلم بهم ، ولو أراد الله الناس كلهم مهديين ما أستطاع أحدٍ منهم الخروج من طاعة الله ، ولله في خلقه شئون ، فالكل لله عبيد من أطاعه ومن عصاه ، والحديث معك يطول ، ولكن نختم القول ، بأن ندعو للجميع بالهداية ، ورُب معصية تولد توبه تدخل الجنة.
آخر الأخبار
جاري التحميل ...
ا.د/ محمد موسى يستكمل سلسلة "من مذكرات أستاذ جامعي" بحلقة تحت عنوان "حوار مع مسلم معتدل"
عن الكاتب
قادح زناد الحروفشاهد أيضاً
التعليقات
طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية
للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب
جميع الحقوق محفوظة
دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة