خرج من أسرة تبحث عن الستر في كل شيء ، وعمل كمساري في هيئة النقل العام ، وكان قد تعلم القناعة والشكر على كل ما يأتي من الله ، وتعلم كل القيم الأصيلة ومنها الناس للناس ، وأن الرضى من الإيمان ، والا يقترب من الحرام ، وتزوج ممن تشبه في مستواه وحالته ، وأنجب بنتان واحدة تعلمت وتخرجت من المعلمين ، والأخرى تعلمت أيضاً بل وتفوقت وتخرجت من كلية الطب ، الأولى عملت في وزارة التعليم مدرسة في إحدى المدارس ، والأخرى عملت في وزارة الصحة طبيبة في مستشفى القصر العيني ، وجاء العرسان ومعهم جاء الهم الكبير للأب الذي لا يملك أن يجهز البنات ، وحاول إستبدال المعاش فوجد أنه لن يكفي ، وظل يفكر وكما كل المصريين ردد المقوله الشهيرة ، العبد في التفكير والرب في التدبير ، وفي يوم نهاية العمل والسيارة تتجه إلى الجراج لتسليمها والمحاسبة ، حتى يعود إلى بيته وجد في السيارة جوال يبدو أن أحد الركاب قد تركه ونساه ، فأخذه وقام بتسليمه إلى ناظر الجراج ، حتى إذا جاء أحدهم وسأل عنه وجده ، ورجع إلى بيته ، وفي اليوم التالي ذهب إلى الجراج فإذا برجل يرتدي الملابس البلدية المصرية ، يتجه إليه ويسأله أنه ركب معه بالأمس ونسي جوال ، فقال له نعم والجوال موجود ، وكان ناظر الجراج قد تغير عن أمس ، فذهب الكمساري إلى كشك الناظر وأخبره أنه بالأمس ترك جوال عن الناظر ، وأخبره أن أحد الركاب قد تركه ، فبحث الناظر عنه حتى وجده ، أخذه وأعطاء الكمساري لصاحبه ، فرح صاحب الجوال ، وأخرج جنيه من جيبه ليعطيه للكمساري حلاوة فرفض الكمساري وشكر الرجل ، قال له الرجل لقد فعلت معروف ففي هذا الجوال كل عظام أهلي ، جمتهم من المقبرة التي تهدمت ودخلت في تنظيم الشارع ، وأشترينا مقبرة أخرى وسأدفنهم فيها ، فقال له الكمساري رحم الله أمواتنا جميعاً ، وقال له مكافأتي أن تدعو لي دعوة أن يحقق الله لي أملي ، فدعى له الرجل وأنصرف ، وأستمر الكمساري في عمله حتى نهاية اليوم ، وعندما وصل الجراج وجد سيدة في الأتوبيس لم تنزل وقد نامت ، فأيقظها وسألها فقد له أنا مريضة فقال لها أوصلك لبيتك ولما إنتهى من حساب ناظر المحطة أخذها في أتوبيس آخر إلى بيتها ، وصعد بها لشقتها ففتح له الباب من جاء لبيته بالأمس ليطلب يد إحدى إبنتيه "المدرسة" ، فرحب به وشكره على المعروف ، وفرحت الأم أن والد عروس إبنها هذا الرجل الطيب ، وقالت له أنا عايشة وإبني فقط والشقة كما ترى كبيرة ، وهي قريبة من مدرسة عملهما ، أرجوك أن ترضى إبنتك المدرسة زميلة إبني أن تعيش هنا معي ، وأنا سأغير لها عفش البيت كما تريد ولا نريد منك شيء ، شكرها وقال لها الرأي رأي العروسة ، وتم زواج البنت ولم يشعر الكمساري بأي ضيق ، وقال لمرأته ألم أقل لكِ ، العبد في التفكير والرب في التدبير ، ربنا يكرمنا أيضاً في الدكتورة.
ا.د/ محمد موسى
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة