دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

الأعــذار الهدامـــــــــــــة بقلم / د. فوزي فهمي


الاعتذارات أكثر المؤامرات شيوعاً فى العالم . ثمة تشكيلة منوعه من الاعتذارات ( كالكذبة البيضاء لتجنب جرح المشاعر ، كقولك ( اعذرنى ) لا استطيع تلبية الدعوة لأنى مشغول جداً ) وهى اعتذارات شائعة لتلطيف إلحياة اليومية . غير ان النظرية الجديده تخرج الاعتذار من اطاره الشائع والمبسط ، وتثبت انه يخفى ضعفاً انسانياً عميقاً،  ان اكثر الناس استعداداً للعذر المرضى هم اصحاب الشخصيات الشائعة وغير المميزة .  والذين يعانون من مصاعب نفسية لا يرون تأثيــــــــر او نتائـــــــــج اعتذارهـــــــــــــم الذى يبرزهم كأشخاص لا يتحلون بأية حكمة او حسن تصرف. وقد تؤدى الاعاقات النفسية ، كالأدمان على الكحول والمخاوف العميقة ، الهدف نفسه . وفى اقصى الحالات ، يعيش البعض حياتهم طبقا لمخاوفهم كى يبرروا اعتذاراتهم . فالناس الذين اصيبوا بصدمات نفسية ، مثلاً ، قد يستخدمون تاريخهم بطريقة دفاعية حين يواجهون وضعاً يتم تقييمهم فيه ، كقولهم :لقد عشت حياة شاقة ، ويعتبر عذراً فى متناول كل انسان.  وفى المقابل ، هناك مجموعة من الناس يقل استعدادهم لاستخدام الاعذار حتى حين يكون العذر ضرورياً وصحيحاً . واذا ما فشل هؤلاء الناس فى تقديم عذر من قبيل اللطف واللياقة , فسيكونون عرضة للنقد الاجتماعى , ولكن فى النهاية فان المفاهيم السائدة عند الناس توجد لهم الاعذار ، رغم صمتهم . أما الذين يتمتعون بثقة بالنفس ، فهم يعتبرون فشلهم محصلة لاخطائهم ولا يلجأون الا نادراًً للاعذار : فهم يؤمنون بانهم مسؤولون عن فشلهم ونجاحهم ومستعدون لتحمل اى لوم يوجه اليهم اذا ما فشلوا . وهناك ، فى المقابل ، من يعتبر ان حياته تقع تحت سلطه قوى خارجيه ، ويفسر فشله بحظه العاثر ، وحين يفشل يلقى التبعة على شخص او اى شىء آخر ويقدم شتى الاعذار . ان الناس الاكثر استعداداً لتقديم الاعذار هم الذين لا يثقون بغيرهم ولا بأنفسم ، والذين لديهم حساسية كبيرة ازاء النقد . فمن يتسم بهذه الصفات هو الاكثر مغالاة فى استخدام الاعذار ، ويجدر به السعى لعلاج نفسه . وعادة ما تلجأ هذه الفئة من الناس الى الاعتذار بشكل اوتوماتيكى من دون ان تعى ما هى فاعلة . وتقول النظرية ان الناس يدينون بمهاراتهم فى صنع الاعذار ، لاهلهــــــــم . فعندما يعلم الوالدان اطفالهم المهارات الاجتماعية الاساسية كالتهذيب واحترام الآخرين , فهما يلقنانهم من دون قصد ، العناصر الأولى لصنع الاعذار . ويحدد علماء النفس المراحل المختلفة التى تتطور فيها لدى الطفل ملكة صنع الاعذار . وعادة ما يكون العذر لدى الطفل الذى لم يتعد السنوات الست ، رديئاً . ان الحاجة الى حماية الذات والقدرة على صنع اعذار معقدة ، ولا تظهر قبل السنة السادسة وحتى التاسعة . وتربط النظرية ظهور الاعذار بتطور النقد الذاتى خلال هذه السنوات . وعادة ما يكون طفل السادسة ناقداً لسلوك اترابه لا لسلوكه الخاص ، ولا يجد سبباً لتقديم الاعذار عن نفسه . ولكن عن بلوغه السابعة يبدأ بالقلق حول تقييم الآخرين له . وفى الثامنة يهتم باثبات قدراته . ان بروزاهتمامات كهذه تمهد السبيل امام صنع الاعذار . اما النقد الذاتى المكتمل ، فهو يتطور فى سن التاسعة ، وهو السبب الذى يدفع الى تقديم الاعذار . وان الاعذار هى نوع من ( العقلنة ) التى يعتبرها التحليل النفسى دفاعية اساسية تؤمن غطاء لمجموعة متنوعة من الاخطاء .وقد تكون الأمراض النفسية احياناً نوعاً من الاعذار . اذ ان المرض هنا يقدم له عذراً رائعاً !


عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع