و بينما كانت "خولة" ذات الخامسة والثلاثون تحاول إنهاء إجراءات سفرها هي و الرجل الذي نال قبولها "إياد القاسم ", للزواج منه بعد أن تركتها عشيرتها لتصل على حافة سن اليأس دون أن يتقدم لخطبتها أحد من العشيرة!!
و لم يكن لديها بدا من أن تقبل "ٱياد القاسم " دون معرفة العشيرة ،حيث اتفقا على السفر إلى دولة ٱخرى و إتمام الزواج والإقامة فيها للأبد!!!
كانت "خولة " و "إياد القاسم" قد أرسلا جوازات سفرهما إلى وكيل سفريات لإنهاء إجراءات السفر للخارج في سرية تامة!!!
و قبل اليوم الموعود بيومين و بلا سابق إنذار و لا شهود ؛ يهبط على بيت "خولة" شيخ العشيرة الهمام كالموت الخاطف و كأنه هادم اللذات و مفرق الجماعات؛ ويلمح أنه ينوي زواج "خولة"وضمها لبلاطه حيث أنه متزوج من امرأتين و له أبناء وبنات كثر!!
رجل لم ولن تنسجم معه "خولة" فهو رجل كبير السن لايكافؤها علما ولا ثقافة و متزوج من غيرها ؛أي انها تكملة عدد لثلة نساء شيخ العشيرة!!
لمح لها في ليلة أنه سيتزوجها وفي اليوم التالي قضى على حملها و أنهى على آمالها في السفر و الزواج من" إياد القاسم " الإنسان الذي احترمها و قدر قيمتها التي عميت عنها العشيرة!!
الرجل الذي أحبته و أحبها و آمنت بصدقه و أملت أن تحيا معه أجمل أيام عمرها المتبقي بعد أن فاتها قطار الزواج!!
لم تستطع خولة الاعتراض على شيخ العشيرة أو إبداء رأيها فيه ،هي لا تريده و لا تحبه و لكنها أصيبت بالخرس و الصمم فلم تنطق بكلمة لأنها تعلم أنها ستغامر بحياتها التي لاتساوي إلا حفرة في فلاة لتوارى جثتها إلى الأبد.
تتصل عبر قناة سرية ب "إياد القاسم"
تبلغه عما حدث تلقي عليه كلمة وداع فلن تراه و لن يراها بعد اليوم!!!
تبكي و هي تحدثه لآخر مرة و تناشده عدم إفشاء خطتهما للسفر للخارج و الزواج !
فلو انكشف الأمر فستكون نهايتها المحتومة!!
تبلغ "خولة " "إياد القاسم"أنها قد استسلمت و لا و لن تقدر على مغامرة فلربما ينكشف سرها فتكون قد حكمت على نفسها بالفناء و السكن مع الأموات!!!
فحسب قوانين العشيرة هو إخفاء أثرها و دفن جثتها!!
و في هذه الحالة يكون إراقة دمها ليس حراما بل إنه الشرف كما يحللوه و يعللوه و كأنها قد ارتكبت جرما مخلا بالشرف بمجرد أنها أرادت التحرر من نير و عبودية عادات بالية لم يقرها شرع أو دين!!
و من ثم وحتى يتم زواجها من شيخ العشيرة بعد شهرين، ستكون حبيسة رهينة في بيتها حتى يجهز عليها كالفريسة و لن تمكث طويلا!!!
و بعد شهرين تعد و تجهز و تزف إلى كهلها و بعلها و يأتي كل أفراد العشيرة بأعلام و زينة في زفة تغيب فيها بهجة العروسة و لكنها مجرد إشهار أنها أصبحت أسيرة مدى الحياة فيما تسمى زيجة،تبا للعشيرة بأعرافها المجحفة القاسية!!
ف "النفس الإنسانية التي كرمها الله لا تساوي شيئاً عند العشيرة" إذا تخلت عن عاداتها و أعرافها !!
يعود"إياد القاسم" حزينا مغموما!!
ليته لم يعرف "خولة" أو بدأ مشواره العاطفي معها فقد أحبها حبا جما و أحبته ؛ ليته لم يبدأ مشواره لنيل مراده من سيدة وقورة حيية خمرية جليلة ، جميلة الروح و خفيفة الظل!!
هو حزين على حبيبته كأنها ذبيحة!!
أو أضحية لحفل تأبين أو جنازة!!
و كل ما يمكن قوله أنهم قد اغتالوها ، كبلوا حريتها و قضوا على رغبتها التي كانت دفينة بين أضلعها فلم تحدث بها إلا نفسها ،بل إنها كانت تنام وحيدة ، فلربما حلمت بما كان قد سبق تخطيطه فتزهق روحها من رجال العشيرة !!
كيف يتسنى لها أن تحلم بزوج من خارج العشيرة كالذي ابتاعها ك بضاعة أو قلادة ليس لها من أمرها شيئاً سوى الرضوخ و الاستسلام لولات أمرها رغم نضوجها و علمها و كبر سنها!!
و حتى يحين موعد رحيلها كانت صامتة كاتمة لما اختلج ذاتها فقد حملت وزرا و اثما كبيرا يكون مبررا لإنهاء حياتها و لن يسأل عنها أحد إذا قتلت و دفنت فقوانين البلاد لاتخضع لها العشائر!!
و حتى إن سأل أحد عليها فكلام شيخ العشيرة هو الذي سيؤخذ به!!
ساعتها سيقول أنها فقدت و هي في طريقها إلى زيارة اختها في إحدى مدن الدولة و لم يعثر عليها!!
تنتظر"خولة موعد رحيلها و ليس فرحها أو عرسها ؛ شاردة الذهن،صامتة لا تتحدث حتى مع نفسها فربما تخدعها نفسها و تفشي سرها!!
تنام وحيدة خوفا من أحلامها فربما تتخطى المألوف و تكون أحلامها ناطقة يسمعها أهلها فتكون نهايتها!!!
للشاعر والاديب د/ زين العابدين فتح الله
انتظرو الجزء الثالث قريبا
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة