لا يمكن أن يسمح لك بالإرتحال إلا بشرط أن تموت ولكن الغريب أنه ليس لك خيار في الرحيل والبقاء إذ أنه قد تقرر رحيلك مع قرار قدومك فأنت راحل لا محالة وحيث أنه لا محالة من الرحيل فإنه لا شك في أنه لا محالة من الموت
الغريب أيضا أننا نحتسب للموت ألف حساب ولكننا قليلا ما نفكر في الرحيل وفي الرحلة
ولكن لماذا يكون شرط الرحلة هو الموت
ففي الحياة الدنيا هناك شروط كثيرة لأمور كثيرة كلها ضد الموت.
فمثلا فلان يريد أن يلتحق بكلية معينة أو وظيفة معينه ولا يستطيع أن يلتحق بها إلا أن يكون قوي البنية حاد البصر سليم الضغط حاد الذكاء وربما يحتاج لعلوا النسب ورفعة المكانة وقدرة الواسطة. وفلان يريد أن يسافر لبلد معين فلا بد ان يكون يجيد لغة ما ومبًرأ من كل التهم وربما لا يحمل فكر معين او ربما لا يدين بدين معين او ربما يجب عليه أن يكون يمتلك مبلغ ضخم من المال
ولكن في رحلتنا هذه الشرط مختلف فالجميع مدعو بل الجميع مقهور قهرا لتلك الرحلة والشرط هو الموت
ولكن لماذا يكون الموت هو شرط الرحلة.
ببساطة لأن تلك الرحلة فعلا لا يمكن ان تفعلها بدون الموت ففي تلك الرحلة لن يستطيع بصرك الحاد وبنيتك القوية وعقلك الوهًاج ولغتك الطليقة واموالك المتراكمة ولا نسبك العالي ولا واسطتك المتنفذة لن يستطع أحد أو شئ من ذلك تحمل تلك الرحلة أو الولوج فيها
فالرحلة شاقة جد شاقة وطويلة جد طويلة ومهولة جد مهولة
تلك الرحلة لا تنفذ خلالها إلا الأرواح فكما أن الروح نفذت إليك فجعلت منك أيها التراب حي فلا بد ان تنفُض عنها التراب كي تسطيع أن تعود
ولكن شتان ما بين المجئ والعود فلقد جاء الجميع وهم سواء ولكنهم رحلوا وفي انتظار بعضهم عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون
وفي انتظار البعض الآخر سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يوم إذن للمكذبين
وأخيرا يبقى الموت ........هو شرط الرحلة
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة