كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل عندما غادر القطار حاملا حقيبته ووطئت قدماه رصيف المحطة ..كانت المحطة خالية الا من عسكري يقطع الرصيف ذهابا وايابا وعدد قليل من الركاب الذين التصقوا بأركان الرصيف في انتظارقطار الفجر ....مضى عقد ونصف أو يزيد قليلا على آخر مرة زار فيها البلدة كان عمره حينها خمسة عشرعاما بصحبة أبيه... تهب بين الفنية والأخرى نسمة هواء تخفف من وطأة حر بؤونة.
عرج على مقهى المحطة ..جلس على كرسي وعلى كرسي بجانبه وضع حقيبته ومن جيب قميصه أخرج علبة سجائره وأشعل واحدة ...سأل النادل وهو يرتشف قهوته عن وسيلة تنقله الى بلدته .. أجابه النادل: من الصعوبة الآن أن تجد وسيلة نقل وبخاصة في هذا التوقيت وأشار عليه أن ينتظر حتى الصباح .. لم يصغ لنصيحة النادل فهو في عجلة من أمره وعليه أن يفرغ من مهتمه قبل حلول الصباح فقرر أن يمضي الى بلدته مشيا على الأقدام ولاسيما وأن القمر بدرا والطريق ليس مظلما.
في درب ترابي طويل تكسوه خضرة الحقول الزراعية على جانبيه مضى يقضم الطريق الى البلدة قضما .... المكان يغلفه السكون يقطعه نقيق الضفادع وصرصور الغيط وحفيف أوراق عيدان الذرة ... توارد إلي ذهنه صوت أبيه وهو يحذره بعدم التحدث مع أي أحد وأن يتوخى الحذر...تذكر فضفضته مع النادل ...تملكه الخوف و تمنى أن يعود أدراجه... من بعيد لاحت له فى الأفق ملامح بلدته وقبل أن تقوده قدماه الى مشارفها أصابه عيار ناري أنطلق من وسط الزراعات
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة