قد تكون كلمات القصيدة الشعرية الملتزمة مفقودة أو ممنوعة ... تتباعد حقولها وتتجمع ... متناثرة بذورها هنا وهناك ... تتجول في حدائق الأنفاس ... تنتظر أن تفتح ذراعيها يوما لمن يسمعها ويعرف قراءتها بيتا بيتا .. كل الناس يحبون هذا النوع من القصائد الشعرية لأنها تحيط بكلمات لا تبلى .. لأنها تتمتع دائما بالزخم والإشراق والنكهة وصفاء الضمير .. وتتألق دائما في لحظاتها الأولى وتزداد ألقا كلما تنوعت قراءاتها في النهاية .. تبحث لك أولا عن دافع لقراءتها ، ثم تمنحك الفرح ثانيا وهي تنتظرك زاهية في كل صباح بوجه مشرق ... لتستقبلك في عالم تحلم به وهي تصف لك حديقة لا يزال عشبها الطويل مغمورا في أمطار الليل ... الجنة المفقودة ...
وقد يصل بك هذا النوع من القصائد أخيرا إلى حافات شواطئ المحيطات المظلمة ... ويخال لك أنك وصلت الى هناك من أجل الاسترخاء بحكم السفر في القراءة .. لكن ، قد ينتهي بك الأمر مرهقا جدا في الفصول التي نزلت بها .. لتبدأ التفكير في ما تم تدميره من أفكار بنيت ربما على زوايا مائلة ... وتتنكر لك التزاماتك ... لأنك ليست حرا في اختياراتك ...
إن الحياة ليست دوما منصفة ... فهي تعرض عن سد ثغراتك وإن حاولت لمرات عديدة تقييم الحدود بينك وبينها لتتعرف عن المدى الذي يفصل إنجازاتك المحتملة وقراراتك المستحيلة لوضع قطار كتابتك على مساره التقليدي ..
كم خطط بعض الشعراء لفتح حسابات متعددة وتأجيل أعمالهم لأسباب شتى .. لكنهم لم يحصلوا إلا على قليل من الرضا .. مكاسب صغيرة تدفعهم الى اعادة الكتابة فوق أحجار الشواطئ .. فهم لا يلومون الآخرين على قراءاتهم المختلفة فقط .. بل على العكس من ذلك ، يعترفون بأن القراء لا يتوفرون بعد على مهارات جديدة تمكنهم من تصور هذه الفلسفات الجديدة من حيث تعرجاتهم وتموجات نفسيتهم الاجتماعية والأخلاقية ... إن في القصائد الملتزمة مواجهات أدبية وفنية بين الشعراء والقراء ... وقد لا تنجح هذه القصائد في النهاية لأن المهتمين بهذا اللون الأدبي يحسون أخيرا أنهم قد تم تجريدهم من كل النضالات التي خاضوها في الميدان الادبي الرحب ..
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة